يوميات رحلة حنظلة الى فلسطين
لعنة الاهمال تلاحقني ليلا، ما ان وصلت الى مركز التجمع لبحث اخر الترتيبات في شأن سفينة ناجي العلي، حتى اكتشفت ان سيارتي قد تعطلت، ولن تسير مجددا دون اصلاح، تطلب الامر اكثر من ساعتين من الاجتماع المتواصل في المقر الذي نشغله في احد احياء بيروت، ودخل عدة اشخاص وخرج اخرين من الاجتماع الذي اصبح يشبه باصات النقل العمومية، يدخل اليها على الطريق اشخاص وينزل منها اخرون، وفي كل الوقت اجهزة الهاتف الخليوي لا تكف عن العمل، سفينة اخرى نبحث عنها، او قبطان نستوضحه معلومات تقنية، ما هو نداء الباخرة التي ستصل قريبا، وكم تحتاج الباخرة البريطانية لتصل اذا ما قررنا استقدامها.
لم يطفىء احد جهازه الخليوي، وبين الفينة والاخرى يتصل بنا المزيد من المتطوعين، صحافيون، مواطنون، شبان طلاب جامعات متحمسون للرحيل الى غزة.
البريد الالكتروني اصبح وظيفة بدوام كامل، وتحول الى الة تعذيب لمن يتابعه، عليك كتابة رد على كل رسالة تصل، وشرح الامر مجددا ومجددا، علما ان المعلومات كلها متوافرة على صفحة الفايس بووك وعلى صفحة البلوغ. ويعمل على البريد الالكتروني شخصان، احدهما للرد على الاسئلة والاخر لتسجيل اسماء المتطوعين، ومع ذلك يبقى هذا البريد بمثابة الة تعذيب.
ليلا وقبيل منتصف ليل التاسع من حزيران تمكن من بقي في الاجتماع لاخر لحظة من ادارة محرك سيارتي العينة، واتجه كل الى منزله، واوصلت زميلي زياد، ولكن عاد المحرك وتوقف، وكان الامر يتطلب عودة زياد الى ممارسة هوايته في مساعدة الاخرين، والى تدخله المباشر لاعادة ادارة محرك السيارة، انتهت الليلة عند الثانية عشرة والنصف من فجر التاسع من حزيران، حيث ركنت السيارة وعدت الى المنزل. ولكن قبل كل ذلك اسريت لزياد ان المشكلة ليست في السيارة، فالمحرك اعطى اشارة العطل الكهربائي ولكني اعتبرت انه يمكن الانتظار الى صباح الغد لاوصل السيارة الى الكاراج. وحدثته بالحكمة الشهيرة التي سمعتها عدة مرات من سائقي سيارات الاجرة "السيارة لا تخذلك، انت من يخذلها".
الشاطر الان هو من يستطيع النوم. المزيد من القهوة والدخان والبحث على الانترنت وقراءة البريد الالكتروني والرد على الرسائل.
في الصباح الباكر استيقظت، ولا اعرف اي شيطان دفعني للنهوض المبكر من الفراش خاصة ان النعاس لا يزال يتحكم بالجفون، المزيد من الرسائل على البريد الالكتروني، واتصال من شخص سبق ان طلب من احد اصدقاء عمري ان يطلب مني اشراكه بالبعثة الصحافية الى غزة، الشاب ليس صحافيا بالمعنى الدقيق، هو منتج منفذ ولكنه اقترح التطوع لصالح تجمع صحافيون بلا قيود باية مهمة نراها، مصور طباخ الخ، طلبت منه ارسال رسالة نظامية كالمعتاد.
هذا الصباح يكون قد مضى اسبوع بالتمام والكمال على اللحظة التي كنت اجلس فيها على شرفة احد الاصدقاء، ونتحدث عما جرى لباخرة مرمرة واسطول الحرية، حينها لمعت الفكرة بيننا، لماذا لا يتواصل هذا العمل طالما ان له كل هذا الصدى، وطالما انه يظهر لا قانونية ولا شرعية حصار غزة، وبدأت رحلة البحث عن شركاء لسفينة تتجه الى غزة تحمل على متنها صحافيين من لبنان والعالم العربي والعالم، وها نحن بعد اسبوع نغرق في بحر من المتطوعين الذين لا يكفون عن الاتصال وارسال الرسائل، ثم هناك من يتحدثون عبر الهاتف ويعرضون جمع مساعدات لاطفال غزة، وانا احاول التملص من لقائهم لا لشيء الا لانني اصبحت على حافة البكاء في كل مرة ارى فيها حماسة الناس لمساعدة اهالي غزة ولمساعدتنا على كسر الحصار المفروض على القطاع.
اضف الى ذلك الاصدقاء الذين يتصلون طوال الوقت لعرض مساعدتهم او يقومون مباشرة بما يعتبرونه مفيدا، وهو دائما مفيد، من اجل تسهيل عملنا وايصال اكبر قدر ممكن من المساعدات وتسهيل عملية كسر الحصار.
وفوق كل ذلك فتحت هذه الحملة التي بدأت تكبر مثل كرة الثلج الباب امام المزيد من العلاقات، اعلاميون واثرياء ورجال اعمال يعرضون كل انواع الدعم دون ذكر اسمائهم، ومواطنون. اصبح العبء اكبر من ان نتحمله، اصبحت الاحلام اجمل من ان نخيبها في لحظة خطأ او غفلة، وهي المسؤولية التي تكاد تقصم الظهر.
وماذا يمكن ان نقول لعشرات بل مئات من الراغبين بالسفر والذين اصلا ليسو باعلاميين او صحافيين؟
كل هذا لا يقاس بمدى القلق في موضوع تنظيم الرحلة باكملها، كل هذا نقطة في بحر التحضير لوصول اول باخرة ومن بعدها الباخرة الاخرى، والحرص على عدم وضع كل الحملة في استغلال اعلامي – سياسي من اطراف سياسية هامشية، سيكون مجرد ظهورها مدخلا لافقاد حملتنا اية مصداقية او جدية، وسيضعنا امام الخيارات الصعبة في الرد او السكوت على الكلام السياسي او الاعلامي الصادر عن فلان او غيره، وسيؤدي في النهاية الى اضاعة الوقت والجهد واحباط الرأي العام الذي يحتضننا كل يوم اكثر من الذي سبق.
ها قد انتصف النهار، ولا زلت اضيع الدقائق نتيجة لعنة الاهمال التي تصيبني، ولا زلت الى الان لا اعلم ما الذي حصل لسيارتي، هل تم اصلاحها ام لا، وهل ستسير اليوم فتسهل عملي ام علي تديبر شؤوني كيفما اتفق لما تبقى من هذا النهار قبل ان احصل على سيارتي.
كل يوم جديد هو يوم اقرب الى غزة. وغدا يوم اخر.
التوقيع مشارك بالتحضيرات لحملة صحافيون
لعنة الاهمال تلاحقني ليلا، ما ان وصلت الى مركز التجمع لبحث اخر الترتيبات في شأن سفينة ناجي العلي، حتى اكتشفت ان سيارتي قد تعطلت، ولن تسير مجددا دون اصلاح، تطلب الامر اكثر من ساعتين من الاجتماع المتواصل في المقر الذي نشغله في احد احياء بيروت، ودخل عدة اشخاص وخرج اخرين من الاجتماع الذي اصبح يشبه باصات النقل العمومية، يدخل اليها على الطريق اشخاص وينزل منها اخرون، وفي كل الوقت اجهزة الهاتف الخليوي لا تكف عن العمل، سفينة اخرى نبحث عنها، او قبطان نستوضحه معلومات تقنية، ما هو نداء الباخرة التي ستصل قريبا، وكم تحتاج الباخرة البريطانية لتصل اذا ما قررنا استقدامها.
لم يطفىء احد جهازه الخليوي، وبين الفينة والاخرى يتصل بنا المزيد من المتطوعين، صحافيون، مواطنون، شبان طلاب جامعات متحمسون للرحيل الى غزة.
البريد الالكتروني اصبح وظيفة بدوام كامل، وتحول الى الة تعذيب لمن يتابعه، عليك كتابة رد على كل رسالة تصل، وشرح الامر مجددا ومجددا، علما ان المعلومات كلها متوافرة على صفحة الفايس بووك وعلى صفحة البلوغ. ويعمل على البريد الالكتروني شخصان، احدهما للرد على الاسئلة والاخر لتسجيل اسماء المتطوعين، ومع ذلك يبقى هذا البريد بمثابة الة تعذيب.
ليلا وقبيل منتصف ليل التاسع من حزيران تمكن من بقي في الاجتماع لاخر لحظة من ادارة محرك سيارتي العينة، واتجه كل الى منزله، واوصلت زميلي زياد، ولكن عاد المحرك وتوقف، وكان الامر يتطلب عودة زياد الى ممارسة هوايته في مساعدة الاخرين، والى تدخله المباشر لاعادة ادارة محرك السيارة، انتهت الليلة عند الثانية عشرة والنصف من فجر التاسع من حزيران، حيث ركنت السيارة وعدت الى المنزل. ولكن قبل كل ذلك اسريت لزياد ان المشكلة ليست في السيارة، فالمحرك اعطى اشارة العطل الكهربائي ولكني اعتبرت انه يمكن الانتظار الى صباح الغد لاوصل السيارة الى الكاراج. وحدثته بالحكمة الشهيرة التي سمعتها عدة مرات من سائقي سيارات الاجرة "السيارة لا تخذلك، انت من يخذلها".
الشاطر الان هو من يستطيع النوم. المزيد من القهوة والدخان والبحث على الانترنت وقراءة البريد الالكتروني والرد على الرسائل.
في الصباح الباكر استيقظت، ولا اعرف اي شيطان دفعني للنهوض المبكر من الفراش خاصة ان النعاس لا يزال يتحكم بالجفون، المزيد من الرسائل على البريد الالكتروني، واتصال من شخص سبق ان طلب من احد اصدقاء عمري ان يطلب مني اشراكه بالبعثة الصحافية الى غزة، الشاب ليس صحافيا بالمعنى الدقيق، هو منتج منفذ ولكنه اقترح التطوع لصالح تجمع صحافيون بلا قيود باية مهمة نراها، مصور طباخ الخ، طلبت منه ارسال رسالة نظامية كالمعتاد.
هذا الصباح يكون قد مضى اسبوع بالتمام والكمال على اللحظة التي كنت اجلس فيها على شرفة احد الاصدقاء، ونتحدث عما جرى لباخرة مرمرة واسطول الحرية، حينها لمعت الفكرة بيننا، لماذا لا يتواصل هذا العمل طالما ان له كل هذا الصدى، وطالما انه يظهر لا قانونية ولا شرعية حصار غزة، وبدأت رحلة البحث عن شركاء لسفينة تتجه الى غزة تحمل على متنها صحافيين من لبنان والعالم العربي والعالم، وها نحن بعد اسبوع نغرق في بحر من المتطوعين الذين لا يكفون عن الاتصال وارسال الرسائل، ثم هناك من يتحدثون عبر الهاتف ويعرضون جمع مساعدات لاطفال غزة، وانا احاول التملص من لقائهم لا لشيء الا لانني اصبحت على حافة البكاء في كل مرة ارى فيها حماسة الناس لمساعدة اهالي غزة ولمساعدتنا على كسر الحصار المفروض على القطاع.
اضف الى ذلك الاصدقاء الذين يتصلون طوال الوقت لعرض مساعدتهم او يقومون مباشرة بما يعتبرونه مفيدا، وهو دائما مفيد، من اجل تسهيل عملنا وايصال اكبر قدر ممكن من المساعدات وتسهيل عملية كسر الحصار.
وفوق كل ذلك فتحت هذه الحملة التي بدأت تكبر مثل كرة الثلج الباب امام المزيد من العلاقات، اعلاميون واثرياء ورجال اعمال يعرضون كل انواع الدعم دون ذكر اسمائهم، ومواطنون. اصبح العبء اكبر من ان نتحمله، اصبحت الاحلام اجمل من ان نخيبها في لحظة خطأ او غفلة، وهي المسؤولية التي تكاد تقصم الظهر.
وماذا يمكن ان نقول لعشرات بل مئات من الراغبين بالسفر والذين اصلا ليسو باعلاميين او صحافيين؟
كل هذا لا يقاس بمدى القلق في موضوع تنظيم الرحلة باكملها، كل هذا نقطة في بحر التحضير لوصول اول باخرة ومن بعدها الباخرة الاخرى، والحرص على عدم وضع كل الحملة في استغلال اعلامي – سياسي من اطراف سياسية هامشية، سيكون مجرد ظهورها مدخلا لافقاد حملتنا اية مصداقية او جدية، وسيضعنا امام الخيارات الصعبة في الرد او السكوت على الكلام السياسي او الاعلامي الصادر عن فلان او غيره، وسيؤدي في النهاية الى اضاعة الوقت والجهد واحباط الرأي العام الذي يحتضننا كل يوم اكثر من الذي سبق.
ها قد انتصف النهار، ولا زلت اضيع الدقائق نتيجة لعنة الاهمال التي تصيبني، ولا زلت الى الان لا اعلم ما الذي حصل لسيارتي، هل تم اصلاحها ام لا، وهل ستسير اليوم فتسهل عملي ام علي تديبر شؤوني كيفما اتفق لما تبقى من هذا النهار قبل ان احصل على سيارتي.
كل يوم جديد هو يوم اقرب الى غزة. وغدا يوم اخر.
التوقيع مشارك بالتحضيرات لحملة صحافيون
الى غزة من تجمع "صحافيون بلا قيود"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق