الأحد، 12 مايو 2013

منظمه العفو الدوليه لا زالت المعارضة تتعرض للاعتداء فى مصر

 

لا زالت المعارضة تتعرض للاعتداء فى مصر

بقلم ديانا الطحاوي

 الباحثة في الشؤون المصرية بمنظمة العفو الدولية

بمناسبة احتفال العالم في الثالث من مايو بالذكرى السنوية العشرين ليوم حرية الصحافة، يستمر قمع حرية الرأي والمعارضة دون هوادة في مصر ما بعد مبارك.

وعوضاً عن استقاء الدروس والعبر من سقوط الرئيس حسني مبارك، وقبول النقد والمعارضة كنتاج طبيعي لثورة 25 يناير، ها هي السلطات المصرية تتهجم على منتقديها.  وفي ممارسة هي من بواقي العهد الماضي، يحاول الخطاب الرسمي أن ينتقص من مصداقية معارضيه بتصنيفهم “كبلطجية”، وتصويرهم على أنهم ألعوبة بيد أعداء مصر الذين يتآمرون على تدمير البلد.
وفي الأشهر الأخيرة، حصلت زيادة ملحوظة في المضايقات القضائية لناشطي المعارضة، والمدونين، والكوميديين، والمحتجين وغيرهم من الأشخاص.  وما أصبح مألوفاً الآن هو أن نسمع عن تهم جديدة من قبيل إهانة الرئيس محمد مرسي وغيره من المسؤولين، أو “الإساءة” إلى الدين – إضافة إلى اعتقالات شاملة تطال محتجي المعارضة.

وتزعم الحكومة أنها لا تقف وراء معظم الشكاوى التي تُقدم من لدن مواطنين “معنيين” تعرضت مشاعرهم للأذى بعد رؤية آخرين يوجهون الإهانة إلى الرئيس أو “الأديان السماوية”.  وما لا تذكره الحكومة هو أن الأمر عائد إلى النيابة العامة كي تسقط الشكوى أو تحيل القضية إلى المحاكمة.  وكان أحدث المنضمين إلى قافلة من طالتهم حملة الاعتقالات تلك هو أحمد دومة، البالغ من العمر 24 عاماً.  فقد توجه أحمد في 30 إبريل إلى مكتب وكيل النيابة في طنطا الواقعة على بعد 90 كلم شمال القاهرة، وذلك للخضوع للاستجواب بشأن التهم الموجهة إليه بإهانة الرئيس وإشاعة أخبار كاذبة.  وتأتي هذه التهم على خلفية الاتصال الهاتفي الذي أجراه أحمد مع أحد البرامج التلفزيونية بتاريخ 25 فبراير، ووصف خلاله الرئيس مرسي بأنه “قاتل” إشارة إلى ما زُعم عن دوره في مقتل محتجي المعارضة.  ولقد اقتيد أحمد دومة من مكتب وكيل النيابة في عربة مصفحة دون أن يُعطى الفرصة لإخبار محاميه وزوجته أنه أصبح قيد الاحتجاز.  ولم يعلموا بمكان احتجازه إلا بعد أن رجع محاميه إلى مكتب وكيل النيابة بطنطا للاستفسار عن مصير موكله في 2 مايو.  ويُذكر أن ذلك يُعد مخالفة للقوانين المصرية، ناهيك عن أنه يُعد انتهاك للمعايير الدولية.

وفي الرابع من مايو، يواجه المدون أحمد أنور، والناشط المعارض حسن مصطفى محاكمتهما في قضيتين منفصلتين في محاولة لمعاقبة منتقدي الحكومة وإسكات أصواتهم.  حيث يواجه أحمد أنور محاكمة بتهمة قيامه “بالإساءة إلى وزارة الداخلية” عقب قيامه برفع مقطع مصور هزلي تهكم فيه على عناصر الشرطة.  ومعلقاً على محنته هذه، قال أحمد لمنظمة العفو الدولية: “إنها لمفارقة ساخرة أن تجري محاكمتي في اليوم الذي يلي الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو لمجرد قيامي برفع مقطع مصور على شبكة الإنترنت”.  وأما حسن مصطفى الذي سبق وأن أُلقي القبض عليه أيام حكم مبارك على خلفية الاحتجاجات على قانون الطوارئ حينها، فقد حُكم عليه بالسجن سنتين بتهم تتعلق أيضاً بإهانة وكيل النيابة وصفعه أمام العامة بتاريخ 12 مارس الماضي؛ ولقد شابت قضيته الكثير من الخروقات والمخالفات الإجرائية، وشهدت رفض المحكمة الاستماع إلى أي من شهود الدفاع.  ومن المفترض أن تُعقد جلسة الاستئناف الخاصة بقضيته يوم 4 مايو في الإسكندرية.

وتُظهر بعض التحركات التي تلجأ السلطات المصرية إليها أن الأمور لم تتغير كثيراً منذ سقوط حسني مبارك أوائل عام 2011.  وقال محامو فتىً يبلغ من العمر 16 عاماً لمنظمة العفو الدولية أن موكلهم قد اقتيد من منزله فجر يوم 25 إبريل على أيدي مجموعة من الرجال ارتدى بعضهم ملابس مدنية، دون أن يوضحوا لوالدته المذهولة إلى أين يتم اقتياد ابنها، أو السبب وراء إلقاء القبض عليه.  ومرت 36 ساعة قبل أن تتم إحالته إلى نيابة طوارئ أمن الدولة – وهي بالمناسبة من رواسب النظام القديم – في خطوة تشكل خرقاً صارخاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية المصري.  ويُتهم الفتى بالانتماء إلى مجموعة شباب “بلاك بلوك” التي يُزعم أنها تتبنى مبدأ الرد بالعنف المضاد على العنف الذي تمارسه الدولة.  وبحسب ما أفاد به محامو الفتى، فلقد احتُجز موكلهم مع البالغين على الرغم من أنه في سن الأحداث، وأنه قد تعرض للضرب في الحجز.  وفي ضوء مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، ما انفكت السلطات تحاول أن تخنق صوت المجتمع المدني أكثر فأكثر، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية التي لعبت دوراً حيوياً في الإبلاغ عما ارتكبته الدولة من انتهاكات قبل ثورة 25 يناير وبعدها وأثناء وقوعها.  ويحاول حزب الحرية والعدالة الحاكم أن يدفع نحو تمرير التشريعات عبر مجلس الشورى في مصر (أي مجلس الشيوخ ) من شأنها أن تعرقل بشكل كبير قدرة المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية منها على القيام بعملها في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وإدانتها.

وفي ضربة أخرى سُددت لحرية التعبير عن الرأي والمعلومات، قام المدير التنفيذي الجديد في الشركة المالكة لصحيفة (إيجيبت إنديبيندينت) بإغلاق هذه الصحيفة التي تُعد الصحيفة الأولى الناطقة بالإنكليزية في مصر.  ويُذكر أنه قد سبق للمدير التنفيذي الجديد وأن شغل منصباً مشابهاً في صحيفة مصر الأولى “الأهرام” مع نهاية عهد مبارك.  ولقد صدر العدد الأخير من الصحيفة في 24 إبريل بعد أن مُنعت الصحيفة من إرسال العدد إلى المطبعة.

ويظهر أن حكومة الرئيس مرسي قد نسيت أن حرية التعبير عن الرأي والمعارضة هي بالضبط ما يسّر وصول هذه الحكومة إلى سدة الحكم.  ومع ذلك، فلقد انكسر حاجز الخوف، وتسببت محاولات الحكومة بإسكات الأصوات المعارضة في خلق أثر معاكس، مما جلب على الحكومة المزيد من الإدانات محلياً وخارجياً.