الخميس، 1 يوليو 2010

إسرائيل 2010: عاجزة عن الحرب والسلام والأحادية أيضاً/للكاتب الباحث والاعلامى/ الاستاذ ماجد عزام

إسرائيل 2010: عاجزة عن الحرب والسلام والأحادية أيضاً
للكاتب الباحث والاعلامى الاستاذ/ ماجد عزام
مدير مركز شرق المتوسط للاعلام

عاجزة عن الحرب والسلام والاحادية ايضا هكذا تبدو اسرائيل فى الذكرى الثانية والستين لقيامها ونكبة فلسطين .
بعد سنوات قليلة على انطلاق التسوية باطارها الجديد- مؤتمر مدريد واتفاق اوسلو- اتضح ان اسرائيل عاجزة عن السلام و ان اقصى ما قد يطرحه اى مسوؤل اسرائيلى لا يتساوق مع الحد الادنى الذى يمكن ان يقبل به اى مسوؤل فلسطينى تبدى هذا جليا فى قمة كامب ديفيد الثانية-صيف العام 2000- كما فى لقاءات طابا-مطلع العام 2001- لان اهود باراك لم يذهب من اجل التسوية وانما –حسب زعمه-لكشف القناع عن وجه الشهيد ياسر عرفات وعندما طرح دولة فلسطينية كقطعة الجبنة السويسرية بلا اى خرائط او خطط تفصيلية ودون ان تتجاوز فى الجوهر خيار اليمين التاريخى اى الحكم الذاتى البلدى الموسع علما ان عديدين فى اسرائيل راوا باراك يمينياً متنكراً حتى ان ارئيل شارون كان يمتدحه كثيرا لما فعله لليمين حيث قال ذات مرة" لقد استلقى على الجدار من اجلنا "فى اشارة الى تصريحاته بعد فشل قمة كامب ديفيد الزاعمة ان ليس من شريك فى الجهة المقابلة وان القيادة الفلسطينية ليست جادة فى التوصل الى اتفاق نهائى مع اسرائيل وانما تبحث عن تدمير هذه الاخيرة ولكن بالوسائل الناعمة والسياسية والديبلوماسية .
اذن فى نهاية القرن العشرين اتضح ان اسرائيل عاجزة عن السلام او أنها لا ترغب به بالاساس ومباشرة بعد ذلك اتضح ايضا عجزها عن الحرب رغم ان هذا الامر بدأ نظريا مع الانتفاضة الاولى والمقولة الشهيرة لرئيس الاركان انذاك الجنرال دان شومرون ليس من حل عسكرى فى مواجهة اطفال الحجارة وبالاحرى ليس من حل عسكرى فى مواجهة شعب يبحث عن الحرية وتقرير المصير غير ان ارئيل شارون ظن ان بامكانه ان يفعل ما عجز عن فعله شومرون ورابين وجنرالات اخرون من قبل ووضع شعارا لحملته الانتخابية الاولى عام 2001 "دعوا الجيش ينتصر" وتعهد بسحق الانتفاضة الثانية -التى اندلعت كنتيجة لفشل قمة كامب ديفيد - خلال مائة يوم غير انه و حسب تعبيره الشهير من هنا"السلطة" راى الامور التى لا ترى من هناك"المعارضة" وبعد محاولات يائسة استمرت عامين ونصفاً امن شارون ان ليس بالامكان فرض الهزيمة على الفلسطينيين بالوسائل العسكرية وعندها تبنى الفكرة الاحادية التى كان اهود باراك نظر اليها منذ العام 2000 بعدما اقتنع هو الاخر ان ليس من حل عسكرى للصراع وانما سياسى فقط.
اذن اقرارا بالعجز عن الحرب وعدم امتلاك الارادة الكافية للسلام لجا شارون الى النظرية الاحادية –فك الارتباط- زاعما الافتقاد الى الشريك الفلسطينى مستغلا الهجمة العسكرية الامريكية على المنطقة اثر غزو العراق ظنا منه ان الفرصة مؤاتية لرسم حدود اسرائيل من جانب واحد وفق جدار الفصل وعلى قاعدة الرؤى والمصالح الاستراتيجية والحيوية للدولة العبرية .
بعد تنفيذ الجزء الاول من خطة فك الارتباط او الانفصال من طرف واحد عن الفلسطينيين عبر الانسحاب من قطاع غزة واعادة الانتشار فى شمال الضفة الغربية اسس شارون حزب كديما على اساس الفكر الاحادى وقرر الذهاب الى انتخابات مبكرة من اجل استكمال الانفصال عن الفلسطينيين غير ان القدر لم يمهله فتولى اهود اولمرت السلطة بالصدفة متعهدا المضى قدما على طريق- تراث- شارون وواضعا الانطواء او الجزء الثانى من خطة فك الارتباط هدفا سياسيا له وعنوانا لحملته الانتخابية 2006 .
ايام قليلة بعد تشكيل حكومته الاولى انهارت الفكرة الاحادية كما الاساس العقائدى لكديما –تراث شارون- عندما اسرت حماس جلعاد شاليت واسر حزب الله اهود غولد فيسر والداد ريغيف وفشل اولمرت فى استعادتهما او حتى تحقيق الاهداف الاخرى التى وضعها لحرب لبنان ومن وقتها اضحى اولمرت جثة سياسية وبات رحيله هو مسالة وقت فقط .
ما جرى فى غزة العام الماضى يختصر فى الحقيقة القصة كلها حيث تاكد عجز اسرائيل عن الحرب بمعنى تحقيق اهداف سياسية بوسائل عسكرية كما انها من جانب اخر كرست حقيقة ان لا فرصة للسلام او ان من يرتكب فظاعات كهذه لا يمكن ان يمتلك الارادة للسلام عمليا التسوية بشكلها الحديث ماتت اكلينيكيا مع حرب غزة وحتى العودة الى المفاوضات المباشرة اضحت جد صعبة - حكومة اليمين الحالية سهلت تظهير هذه القناعة الفلسطينية- علما ان الحرب وما جرى قبلها اثبتت ايضا ان ليس من فرصة للاحادية بمعناها الشارونى القاء المفاتيح والمغادرة ليس حلا وفق التعبير الشهير لتسيبى لفنى .
مشاكل ونزاعات حكومة اليمين الحالية مع الحلفاء اوروبا وامريكا تعبر بدقة عن التخبط الذى تعيشه فى ظل افتقادها لخيارات جدية على المسار الفلسطينى اى حرب لن تحقق اهداف جدية وذات بال –كما قال اهود باراك وغابى اشكنازى لاولمرت اثناء حرب غزة- كما ان الحكومة تفتقد لارادة الاتفاق والتسوية مع الفلسطينيين وترفض الاحادية باعتبارها هربا وتعبيراً عن الانهزامية فى مواجهة الفلسطينيين والعرب وامكانية ادارة الوضع الراهن لسنوات وفق هذيان بينى بيغن او ثرثرات نتن ياهو عن السلام الاقتصادى لا تسمن ولا تغنى من جوع كما قال اهود باراك-محلل شوؤن الشرق الاوسط بالحكومة حسب التعبير الساخر لاحد المعلقين- ذات مرة عدم قيام دولة فلسطينية يعنى قيام دولة واحدة اما غير يهودية اى ديموقراطية لكل مواطنيها او غير ديموقراطية دولة فصل عنصرى وفى كلتا الحالتين وبعيدا عن التصريحات الانفعالية والمتسرعة احيانا فان هذا الخيار اى الدولة الواحدة يستحق ويقتضى عملا اكثر جدية على المستويات المختلفة فلسطينيا وعربيا ودوليا ايضا باعتباره اكثر واقعية من خيار الدولتين الميت سريرياً منذ زمن طويل وينتظر فقط من يمتلك الشجاعة والارادة للاعلان عن ذلك بشكل رسمى
مدير مركز شرق المتوسط للاعلام
ماجد عزام

ليست هناك تعليقات: