الاثنين، 8 يونيو 2009

صبـاح الخيـر


أيا تكن نتائج الانتخابات هذا الصباح، سوف يكتشف اللبنانيون ان الشمس «البرتقالية» قد أشرقت على لبنان، وأن «السما الزرقا» في ظل سطوع الشمس أمر طبيعي، وأن الرايات الصفر والخضر والحمر لم تنكّس على سارياتها في أي مكان، وأن يوم الثامن من حزيران لم تنقلب فيه الدنيا على أعقابها. كل ما في الأمر أن نتيجة الانتخابات أسفرت عن فائزين وخاسرين، والعاقل هو من يعلن الانحناء لارادة الناس.. وكفى الله المؤمنين شر القتال. اكثر من ذلك سوف يكتشف العالم ان «الانتخابات الكونية» التي جرت في لبنان، وكانت محط اهتمامه لسبب واحد ووحيد، وهو ان «المنظمة الارهابية» التي اسمها «حزب الله»، وأن المقاومة التي يديرها هذا الحزب ببراعة مطلقة منذ ربع قرن من الزمن، لن تتأثر بنائب بالزائد أو نائب بالناقص في البرلمان اللبناني. سوف يكتشف اللبنانيون والعالم معهم ان «حفلات الدجل» التي مورست على اللبنانيين خلال الاشهر الماضية، وقادها بعض أهل السياسة، لم تكن الا من متطلبات الحملة الانتخابية الاكثر «وضاعة» في تاريخ لبنان، وأن هذا البلد لا يمكن ان يعيش في ظل نظامه السياسي الجائر، الا على المشاركة والمحاصصة وتقاسم الجبنة. وفي هذا المجال يقول ضابط كبير في الجيش ان النظام الحالي في طريق مسدود، والتغيير بالقوة مستحيل، لأن اللبنانيين متفقون على تقاسم الجبنة، ومتفقون في الوقت نفسه على عدم تسليم هذه الجبنة لدولة توزعها بعدالة. لقد كان الرئيس نبيه بري مساء الجمعة الماضي، واضحا جدا، وصريحا جدا، وجريئا جدا، في توصيف المسار السياسي بعد الانتخابات. ولا يعني هذا ان البلد لن يعيش أزمة حكومية ابتداء من هذا اليوم وحتى استيلاد حكومة الانتخابات، لكن في النهاية ما تزال عبرة السنوات الماضية ماثلة امام الجميع، ومن المستحسن اختصار المسافات على اللبنانيين والبلد. حتى الامس القريب كان ثمة من يراهن على الغاء الانتخابات، ويتهم الآخر بالسعي الى تعطيلها. لكن الانتخابات جرت، وبأقل الخسائر، ولولا بعض الاشكالات العادية التي تحصل في أي انتخابات، لأمكن القول ان الشعب اللبناني وناسه البسطاء الطيبين، اثبتوا انهم اكثر رقيا وحضارة ومدنية من معظم طبقتهم السياسية التي حاولت خلال الاشهر الماضية من الحملة الانتخابية استغباءهم واعتبارهم جهلة لا يقرأون ولا يكتبون ولا يفهمون، من خلال طروحات أقل ما يقال فيها انها «دجل دستوري» ليس له من قرار. ان المعركة الحقيقية لازالة شوائب الانتخابات الاخيرة وصفاقاتها، يجب ان تبدأ من اليوم. وأول ما يجب البدء به هو التحضير لقانون انتخاب لا يكون على مستوى الطبقة السياسية، بل على مستوى ما يستحقه اللبنانيون من نظام يكون على قدر طموحاتهم وآمالهم في المواطنة. وليبدأ هذا الطريق من اتفاق الطائف نفسه، ومن «البند المظلوم» فيه، وهو تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية. يبقى ان ثمة من يستحق الشكر في هذه الانتخابات. اولهم القوى الأمنية التي سهرت على امن هذه الانتخابات. وثانيهم وزير الداخلية زياد بارود الذي بذل اقصى جهوده لتأكيد حيادية السلطة، لولا بعض الشوائب الخارجة بالتأكيد عن ارادته. فهذه هي المرة الاولى في تاريخ لبنان التي يتفق فيها اللبنانيون على نزاهة وزير داخليتهم وإدارته للانتخابات. ويستحق اللبنانيون ايضا كل الشكر، وكل انتخابات وانتم بخير.

ليست هناك تعليقات: