33 عاماً على عملية «الشهيد كمال عدوان» ضد العدو الإسرائيلي
طرابلس: إمتدت «جمهورية دلال» على مساحة واسعة من مدينة طرابلس، فأعادت النبض العربي والقومي والنضالي لشبابها وشاباتها، وتجاوزت الانقسامات والشعارات السياسية، وصوّبت وجهة البوصلة نحو فلسطين التي تبقى القضية المركزية، ونحو ثوابت العداء لإسرائيل ومواجهتها في كل زمان ومكان، وأعطت دروساً في تخطيط وتنفيذ العمليات الفدائية البطولية التي لقنت العدو الصهيوني دروساً لن ينساها، وخلصت الى أن المقاومة هي السبيل الوحيد والمجدي للتحرير.
بالأمس حضرت الشهيدة دلال مغربي ورفاقها الشهداء في «كتيبة دير ياسين»، التي نفذت عملية الشهيد كمال عدوان، كما حضر عميد الأسرى يحيى سكاف الذي لم تكتب له الشهادة في تلك العملية فوقع في الأسر ليبقى شهيداً حياً وما يزال، في وقت يرفض العدو الاسرائيلي الاعتراف بوجوده ومكانه، وذلك من خلال فيلم «جمهورية دلال»، الذي يؤرخ لتلك العملية البطولية، والذي عرض في قاعة «دار الندوة الشمالية» في طرابلس، بدعوة من «المنتدى القومي العربي»، بحضور جمع من أهالي الشهداء وذوي الأسير سكاف، تميز بمشاركة «دلال المغربي الصغرى»، ابنة شقيق الشهيدة مع والدها فادي، إضافة إلى حشد من الشباب والشابات الذين تفاعلوا مع أحداث الفيلم في دقائقه الخمسين.
ويظهر الفيلم كيفية التخطيط لعملية الشهيد كمال عدوان، حيث يخطط خليل الوزير (أبو جهاد) للعملية كرد فعل على قول مناحيم بيغن: «وداعاً يا منظمة التحرير»، وعلى اغتيال الشهيد كمال عدوان، فأسس كتيبة دير ياسين التي ضمت مجموعة من الفدائيين من بينهم الشهيدة دلال المغربي والأسير يحيى سكاف.
ثم يظهر في الفيلم شقيقة الشهيدة دلال، رشيدة ووالدتها التي تروي حكاية وداعها لابنتها عندما انطلقت لتنفيذ العملية تاركة رسالة لوالدها الذي كان خارج المنزل، وتنتقل أحداث الفيلم إلى وصف العملية من خلال الأسيرين المحررين أبو خالد إصبع، وحسين فياض، اللذين عرضا لساعة الانطلاق في العاشر من آذار 1978، والتي عززت بمشاهد تمثيلية، حيث كان من المقرر القيام باحتلال أحد الفنادق واحتجاز رهائن بداخله لحين الافراج عن بعض الأسرى. ولكن جرى تعديل على سير العملية لتتحول إلى احتجاز حافلة عسكرية إسرائيلية بين حيفا وتل أبيب وذلك في 11/3/1978. وكانت الشهيدة دلال مسؤولة عن السيطرة على سائق الحافلة وتوجيهه ورفع العلم الفلسطيني، ولدى الوصول إلى حاجز إسرائيلي في تل أبيب، قامت قوة من جنود الاحتلال بمحاصرة الحافلة حيث وقعت معركة ضارية قتل فيها من كان في الحافلة من الإسرائيليين. واستشهدت دلال، ولم يصدق الإسرائيليون بادئ الأمر أنها فتاة، كما استشهد عدد من أفراد المجموعة، وأسر يحيى سكاف.
ثم يعيدنا الفيلم إلى والدة دلال، وكيف تلقت وعائلتها الخبر، إضافة إلى شريط مسجل بصوت والدها، الذي توفي بعد سنوات من استشهادها، ليطوى الفيلم على مشاهد للسيد حسن نصرالله بعد عملية تبادل الأسرى الأخيرة.
بعد عرض الفيلم وقف الحضور دقيقة صمت إجلالاً لروح الشهداء، فترحيب من الزميلة ليال حبلص، فكلمة محمود مواس باسم «شباب المنتدى القومي العربي»، ثم تحدث شقيق الشهيدة دلال، فادي المغربي، فأكد على السير على خطاها، موجهاً التحية باسمها إلى الشعوب العاشقة للحرية، وإلى البنادق المرفوعة بوجه العدو الصهيوني، مؤكداً على أن «الفدائيين لا تجمعهم جنسية، ولا طائفة، ولا مذهب، بل تجمعهم قضية العرب. وتلك القضية ستجمع غيرهم وإن كره الكارهون»، مقدراً «جهود المقاومة الجبارة، ومساعي سيدها فخر الكرامة العربية السيد حسن نصرالله لتحرير أسرانا وجثامين شهدائنا الطاهرة».
ثم ألقى جمال سكاف (شقيق الأسير يحيى سكاف) كلمة أكد فيها على أن «قضية الأسير يحيى وكل الأسرى والمفقودين ستبقى القضية المركزية لنا ولكل المقاومين والاحرار، وسنبقى رافعين لواء تحريرهم، وتحرير أرضنا ومقدساتنا». كما ألقى نبيل حلاق كلمة باسم «لجنة المبادرة لكسر الحصار عن غزة»، استعاد فيها ظروف العملية التي جرت في أجواء عاصفة بينما كان الفدائيون يشقون عباب البحر لدك أسوار الصهاينة بتوجيه من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، مشبهاً ما حدث قبل 33 عاماً، برحلة أسطول الحرية لفك الحصار عن غزة، لافتاً إلى أن «مبادرة الشباب القومي العربي لإحياء المناسبة، هي للتأكيد على أن الشهداء والمقاومين هم الذخيرة لثوراتنا الممتدة من المحيط الى الخليج وان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير الأرض والانسان».
كما ألقى أمين سر لجنة الدفاع عن الأسرى والمعتقلين يحيى المعلم كلمة نوّه فيها بمبادرة المنتدى القومي العربي، آملاً أن «تعم المبادرات كل المناطق اللبنانية من أجل إنعاش ذاكرتنا، خصوصاً ذاكرة الشباب لأن أمة بلا تاريخ هي أمة من دون مستقبل». وقال: «إن اعتصاماتنا ولقاءاتنا في اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين أمام مركز الصليب الأحمر الدولي في كل خميس من أول شهر، ليست لأجل إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والكشف عن المفقودين فقط، وإنما لنذكر العالم بأن هناك نظاماً صهيونياً عنصرياً على أرض فلسطين يرتكب المجازر، ويقتل الاطفال ويبني الجدار العنصري الفاصل، ويهجر الشعب الفلسطيني، وينتهك حقوق الإنسان في كل يوم، دون أن يصدر أي إشارة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة، لأنهم غائبون عن السمع والبصر تجاه ما يجري». وختم المعلم: «لا مكان للضعفاء في هذا العالم، بل يوجد مكان للأقوياء، وقوتنا اليوم هي في مقاومتنا في لبنان وفلسطين والعراق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق