في كتاب جديد صدر في الأيام الأخيرة كشف المؤلف النقاب عن أنّ الدولة العبرية أعلنت مرتين أو ثلاثا حالة التأهب القصوى في المجال الاستراتيجي، أيْ أنّها كانت على قاب قوسين أو أدنى من استعمال الأسلحة النووية لضرب كلٍ من سورية ومصر، كما أكد ذلك البروفيسور يوفال نئمان في شهادة سريّة زودها للمؤلف. وجاء أيضًا،
كما أكد المؤلف د. أفنير كوهين، وهو مؤرخ إسرائيلي للشؤون النووية، أنّ وزير الأمن الإسرائيلي في حرب 1973، موشيه دايان، طلب في الأيام الأولى من الحرب من الجهات ذات الصلة أن تقوم بعرض جميع المعلومات حول الأسلحة النووية، وذلك في جلسة خاصة عقدتها الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية، كما أنّ دايان وجّه دعوة رسمية لرئيس الوكالة النووية في الدولة العبرية، شالهيفت فرايير، للمشاركة في الجلسة وعرض وجهة نظره، ولكن بحسب المؤلف فإنّه بسبب معارضة رئيسة الوزراء، غولدا مائير، والوزيرين يغآل ألون ويسرائيل غاليلي، فإنّ الجلسة ألغيت.
وإنّ اللحظة الأكثر دراماتيكية في التاريخ النووي الإسرائيلي وقعت في المراحل الأولى من حرب أكتوبر 1973، ذلك لأنّه خلافًا لحرب حزيران (يونيو) من العام 1967، فإنّ إسرائيل في حرب العام 1973 كانت قريبة جدا من الانهيار، كما قال د. كوهين في كتابه الجديد.
وإنّ دايان الذي تحدث في الأيام الأولى من الحرب عن قرب انتهاء إسرائيل وما يُسمى إسرائيليًا بخراب الهيكل الثالث، اقترح في عدد من المناسبات استعمال الأسلحة النووية التي تملكها الدولة العبرية، لأنّه توصل إلى نتيجة مفادها أنّ إسرائيل وصلت إلى نقطة لا يمكن العودة منها، كما أنّه حاول عبر التلويح باستخدام الأسلحة النووية عن أمله في أنْ تفهم الولايات المتحدة الأمريكية أنّ الدولة العبرية وصلت إلى خط النهاية، على حد قول مؤلف الكتاب.
وزاد قائلاً، حسب شهادة رئيس ديوان الوزير يسرائيل غاليلي، صباح يوم التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، أيْ بعد يوم واحد من فشل الجيش الإسرائيلي في الهجوم المضاد على الجيش المصري في الجبهة الجنوبية، أنْ يقوم 'الكابينيت' الإسرائيلي بدراسة اقتراح استعمال الأسلحة النووية. علاوة على ذلك، إنّه لم يتبين حتى الآن ما هي الاقتراحات التي قدّمها دايان لاستعمال الأسلحة النووية.
وقال المؤلف أيضًا إنّ رئيسة الوكالة النووية الإسرائيلية وصلت إلى جلسة الحكومة الأمنية والسياسية المصغرة لتقديم استعراض حول الضربة النووية، ولكنّ الوزراء عارضوا ذلك، وقالوا إنّ نقاشًا من هذا القبيل سابق لأوانه وغير مهم، وعليه لم تقدم رئيسة الوكالة الاستعراض الذي كانت قد أعدته خصيصًا للجلسة، وأكد الكاتب أنّ الشاهد المركزي الذي زوّده بالمعلومات حول الجلسة المذكورة كان مساعد الوزير غاليلي وكاتم أسراره، والذي انتظر في الغرفة القريبة عندما اجتمع الوزراء.
ويقول المؤلف أيضًا في الكتاب، بحسب الشهادات الموثقة التي حصل عليها، إنّ الدولة العبرية أعلنت مرتين أو ثلاثا على الأقل عن حالة التأهب الاستراتيجية القصوى، وفي أول مرتين أعلن التأهب الاستراتيجي في الأيام الأولى من الحرب، أمّا الثالث فقد تمّ الإعلان عنه في السابع عشر أو الثامن عشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، وذلك كرد فعل على حالة الاستعداد المصري للبدء بإطلاق صواريخ من طراز سكود باتجاه الدولة العبرية، هذه الصواريخ التي حصلت عليها من الاتحاد السوفييتي.
وقال د. كوهين في كتابه أيضًا إنّ حالة التأهب الاستراتيجية الإسرائيلية شملت في ما شملت إخراج الصواريخ من طراز (أريحا) من المخازن، وتحضيرها للإطلاق.
يشار إلى أنّ هذه الصواريخ تحمل رؤوسًا نووية، كما قامت إسرائيل بعمليات مختلفة في هذا السياق، لم يُفصح المؤلف عنها، لافتًا إلى أنّها تمت تحت إشراف مباشر من قبل مساعدي رئيس الوزراء ووزير الأمن.
وأوضح المؤلف في كتابه أنّه بعد عدة سنوات وفي مؤتمر تمّ تنظيمه في واشنطن، تبيّن لويليام كواندت، الذي شغل منصب المستشار للأمن القومي، كما كان تأثر التقارير المخابراتية التي أعدّتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول التأهب الاستراتيجي كبيرًا، وأنّه أكد أنّ هذه التقارير كانت السبب الرئيسي الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك إلى اتخاذ قرار مع الرئيس الأمريكي بتفعيل جسر جوي لتزويد إسرائيل بالأسلحة والعتاد، على حد قوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق